Skip to main content

في تفسير سلسلة حالات الانتحار لدى جنود الاحتلال: المعارك في غزة تفتك بنفسياتهم 

19 تموز 2025
https://qudsn.co/MTz5k

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: اعتبر موقع "والّا" العبري أن سلسلة من حالات انتحار الجنود والجنود المسرّحين تكشف حجم الكارثة الصامتة التي تتفجر بعيدًا عن ساحة المعركة، في المؤخرة، داخل القواعد، وداخل النفوس. ووفقًا للموقع، فإن حالات الانتحار في جيش الاحتلال آخذة بالارتفاع، حيث سُجّلت 17 حالة في عام 2023، و21 أخرى في 2024، و16 حالة جديدة حتى منتصف عام 2025، آخرها جندي حاول إنهاء حياته خلال تدريب في جنوب فلسطين المحتلة، وأُصيب بجراح خطيرة نُقل على إثرها للعناية المكثفة في مستشفى "سوروكا".

وبحسب "والّا"، شدد إيال فروختر، الرئيس السابق لجهاز الصحة النفسية في جيش الاحتلال، على أن حالات الانتحار عبارة سلسلة مأساوية تتطلب تدخلًا عاجلًا. وأوضح أن جنود الاحتياط يتعرضون لمخاطر مضاعفة، منها التفكك العائلي، والعزلة، وسهولة الوصول إلى السلاح، وتجارب صادمة غير معالجة. وأشار إلى أن توسيع برامج الوقاية لتشمل الاحتياط أمر إيجابي، لكنه حذّر من أن التغطية الإعلامية الزائدة قد تُسبب "عدوى انتحارية" بين الجنود.

وفي حديث مع "والّا"، أكد نداف وِيرش، رئيس منتدى "مصدومون من القتال" وأحد الجنود الذين يعانون من الصدمة القتالية، أن معظم حالات الانتحار كان يمكن منعها، لوجود إشارات تحذيرية مثل طلب المساعدة أو تغيرات نفسية واضحة. وأشار إلى أن النظام البيروقراطي البطيء والإهمال ونقص الطواقم المتخصصة يؤدي إلى تهميش الحالات، حيث لا يحصل كثير من الجنود على متابعة نفسية حقيقية حتى بعد التوجه للعلاج.

وأوضح ويرش، أن المؤسسات الحالية تفتقر إلى منظومة طوارئ فعالة تستجيب في لحظات الأزمة. وأضاف أن التركيز على النماذج الورقية والإجراءات الإدارية يأتي على حساب الحضور المباشر، والإنصات، والدعم العاطفي. وبحسبه، فإن غياب هذه العناصر في لحظات حرجة يؤدي إلى سقوط المزيد من الجنود بين ثغرات النظام.

وفي السياق نفسه، نقل "والّا" عن رونا أكرمان، أخصائية اجتماعية ونائبة مدير عام مركز "إيلا" للدعم النفسي في حالات الفقدان والصدمات، قولها إن المعارك تخلّف "أزمات غير مرئية" يصعب الحديث عنها. فالجنود الذين يُنظر إليهم على أنهم أقوياء يصعب عليهم الاعتراف بمشاعر الإنهاك أو الضياع التي تتفجر بعد انتهاء المعركة، وقد تؤدي الفجوة بين صورتهم الذاتية وبين واقعهم النفسي إلى أزمة هوية.

وفي تقرير استقصائي نشره "والّا"، تبين أن مركز الاستجابة الطارئة "عيران" تلقى أكثر من 6,000 طلب مساعدة نفسية من جنود ومجندات في جيش الاحتلال خلال شهر واحد فقط، منها 28% مرتبطة بضيق نفسي حاد، و20% بقلق وصدمات، و32% شعور بالوحدة الشديدة، بينما أبلغ 10% عن مشاكل في العلاقات الشخصية. وقالت شيري دانيالز، المديرة المهنية لعيران، إن وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية تمنع الجنود من طلب المساعدة، إذ يُنظر إليها كعلامة على الضعف.

وأوضحت دانيالز، كما نقل عنها "والّا"، أن الثقافة العسكرية تُعزز الصمت، إذ يُطلب من الجنود كبت مشاعرهم، والعمل تحت ضغط، والحفاظ على الأداء. هذه "الفضائل القتالية"، بحسبها، تتحول إلى عوائق نفسية عند العودة للحياة اليومية. وأضافت أن كثيرًا من الجنود لا يميزون أصلًا مشاعرهم.

وفي الشأن ذاته، أورد "والّا" تصريحات دافيد كورِن، مدير عام مركز "عيران"، الذي قال إن الحرب الطويلة تُخلّف أعباءً نفسية ثقيلة على الجنود وعائلاتهم، وتتجلى في تآكل الاستقرار العائلي والاقتصادي، وهو ما ينعكس بوضوح في طلبات المساعدة المتزايدة الواردة إلى المركز طوال فترة الحرب.


 

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا